ثورة التكميل :
Jun 14, 2020 780
980 79

ثورة التكميل :

لماذا لم يلغي المسيح له المجد الناموس؛ مع أنه فعليا كان البديل الفعلي للناموس؛ "الذي لم يكمل شيئًا " (عب١٩/٧) وأنه هو الذي ظهر به بر الله؛ بدون الناموس! (رو ٢١/٣) وفي المقارنة بينه وبين الناموس أي الشريعة يقول الإنجيل عنه: "أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" (يو ١٧/١) الإجابة على هذا السؤال تبدأ من عبارة الإنجيل "أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولادًا لله"

فإذاً المسيح ونعمة عهده الجديد لم تصر إلا للذين قبلوه! وما عدا ذلك تظل البشرية في حاجة أساسية إلى الشريعة والقانون لضبط إيقاع الحياة والعلاقات بين الناس؛ لكن الأمر المؤسف حقا: هو التباين الواضح في كل شئ بين الإنجيل والناموس وبين العهد الجديد؛ الذي يصل إلى تكميل كل جزئية في القديم والناموس الذي غاب عن عيون كثرة من المسيحيين؛ بداية من الوصايا العشر نفسها:

"وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم (يو٣٤/١٣)؛ ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يبذل أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو١٣/١٥) مقابل الوصية الثانية "تحب قريبك كنفسك"؛ إنتهاءا بموسي أوصاكم أن تطلقوا نساءكم! مرورا بكل تشريعات النجاسة والأكل بأيد غير مغسلولة والأطعمة النجسة التي كملها بتشريعه الجديد: ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان بل الذي يخرج من الفم فهذا ينجس الإنسان!  حتي أن الدارس المتعمق يكاد لا يجد مشتركا بين المسيحية واليهودية وبين العهد القديم والعهد الجديد سوي الإيمان بواحدية الله خالق السماوات والأرض وما فيهما وما عليهما!  وإذا كانت هذه الحقيقة التي ذكرتها الآن صادمة للقارئ؛ فلا بأس من إعداد دراسة للرد على هذا الرأي بما يثبت أن المسيح لم يكمل وصايا العهد القديم بأكملها بنسبة لا تقل عن ٩٠٪؜ منها إلا إذا زادت! مع عدم الخلط بين الشريعة ووصايا الناموس وبين الكلمة النبوية؛ التي كانت أساسا تتنبأ عن المسيح له المجد وتبحث عنه؛ وهذا الحق لا يلغي ولا ينكر أن كل ما كتب هو نافع للتعليم وموحي به من الله وكان مؤدبنا إلى المسيح؛ لكنه مختلف تمامًا عن الحق المعلن في العهد الجديد بما جعله محتاجا إلى أن يكمل كله من الألف إلي الياء.

فهل يستحق الأمر من مؤمني العهد الجديد إعادة دراسة هذا التباين بين القديم والجديد حتي يحكموا على مقولة أحدهم: "أن العهد الجديد هو بجملته ثورة علي القديم لتكميلية"

وهل آن الأوان أن يتعلم أبناء العهد الجديد حكمة آباء الكنيسة الأولين: أن يقرأ القديم بعيون الجديد؟

Powered By GSTV