المسيح كما أعلنه الإنجيل (١٤) | أنا هو القيامة والحياة
Sep 20, 2021 399
980 79

المسيح كما أعلنه الإنجيل (١٤) | أنا هو القيامة والحياة

وصل المسيح له المجد مُتأخراً، مُتعمداً، إلى بيت عنيا حيث كان يقيم صديقه لعازر الذي كان مريضاً والذي تأخر المسيح عن الحضور لشفائه من مرضه، بناء على طلب أخُتاه؛ فلما وصل المسيح إلى بيت عنيا، كان لعازر قد مات مُتأثراً بمرضه، وتم دفنه قبل أربعة أيام.

سمعت مرثا أخت الميت بمجئ المسيح، فتركت المعزيات في المنزل، وهرعت للقائه عند مدخل القرية؛ وبادرته بالعتاب من خلال دموعها: "
يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي!" (يوحنا ١١ : ٢١) فطمأنها المسيح قائلاً: "سيقوم أخوكِ" ، ومن ثم أجابته مرثا: "أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة، في اليوم الأخير". وهنا أجابها المسيح: "أنا هو القيامة والحياة."

أتَى يعقوب (إسرائيل) وأبنائه الاحدى عشر (أباء أسباط إسرائيل) إلى مصر في أيام حكم ابنه يوسف، وعاش الإسرائيليون وتناسلت الأجيال التالية لهم في مصر، لمدة
أربعمائة سنة. نشأت وتربت هذه الأجيال في مصر وتعلمت وتشربت بالثقافة المصرية والديانة المصرية القديمة. الأمر الذي يدركه الدارسون في أوجه التشابه بين موروثات اليهودية والديانة الأخناتونية التوحيدية المصرية القديمة. ونقلوا عنهم ما تعلموه إلى أنحاء الدنيا وإلى أصحاب الديانات التي خرجت من رحم اليهودية.

وهكذا تم برمجة عقول الناس بالموروث الفرعوني اليهودي؛ بما في ذلك المسيحيين، عن فكرة يوم القيامة أو البعث والحساب بالثواب أو العقاب؛ دون أن يعرف أحدٌ إجابة السؤال ما الذي سيحدد ميعاد يوم القيامة هذا، أو ما الذي سيجعله يحدث، وكيف سيقوم هؤلاء الأموات من الموت، لكننا جميعاً تشربنا الفكرة وتوارثناها وصرنا نردد الموروثات الفرعويهودية، ونقول كما قالت مرثا للمسيح نحن نعلم أننا سنقوم في يوم القيامة.

وهنا يتصدى المسيح له المجد للموروث الفرعويهودي على لسان مرثا بالتصحيح وإعلان حقيقة أمر القيامة، كما يُعلم بها الإنجيل؛ لكي يتبين لنا مُتأخرين جداً، أننا مُتشبعين بالموروث اليهودي أكثر من تشبعنا وفهمنا لتعاليم المسيح وحق الإنجيل!
وهنا أراد المسيح أن يُبرهن لمرثا أخت الميت وللعالم أجمع من بعدها على حقيقة ما يقوله أنه هو الحياة الغالبة للموت متجسداً، وأنه هو صانعُ يوم القيامة بأن تفيض منه قوة الحياة الأبدية، وتُرسل على الأموات فيخرجون من القبور إلى الحياة. "تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة". (يوحنا ٥ : ٢٨)

 

طلب المسيح من مرثا أن يذهب به إلى القبر المُسجى به جسد لعازر؛ لكن مرثا أرادت أن تُبصّره بخطورة الأمر حتى لا يُفاجئ به، فقالت له: "يا سيد قد أنتن، لأن له أربعة أيام".
إذن فكلمة أنتن تعني أنه تحلل، وأننا لسنا أمام معجزة إقامة ميتاً طازجاً من الموت، ولكنها أقرب إلى إعادة عملية خلق للجسد المتحلل؛ أو بمعنى آخر أنها بروفة حقيقية لمعنى يوم القيامة.

استسلمت مرثا على الإيمان للتحدي الخطير غير المسبوق الذي يريد المسيح أن يواجهه ويعلن به حقيقة أمره: أنه هو القيامة والحياة، وأنه هو صانع القيامة وواهب الحياة الأبدية.

وقف المسيح أمام القبر الذي تفوح منه رائحة الموت والتعفن والتحلل، ونادى بصوتاً قوياً جَهوريّ على لعازر، وسمعت النسوة اليهوديات الآتين لتعزية مرثا صوت المسيح وهو ينادي على لعازر فتسائلنَ: "انظروا كم كان يحبه.. لكن لعازر غير موجود هنا في القبر يا سيد، أنت أمام جثة مُتحللة، فعلى من تنادي يا معلم.. كان الأفضل أن تأتي مبكراً قبل موته لتشفه، ولكن على من تنادي؛ فلا حياة لمن تنادي!

لكن بروفة يوم القيامة تحولت إلى حقيقة، فقد سمعت روح لعازر صوت ابن الله المانح الحياة، فامتلأت بالحياة واستجابت للنداء وأتت من حيث لا نعلم أين كانت، وارتجفت بقايا الجسد المتحلل ودبت فيها قوة الحياة والقيامة؛ واختفت فجأة رائحة الموت الكريهة، وحدثت المُفاجئة، و
فوجئ الجميع بلعازر يخرج حياً بجسدٍ صحيحٍ مكتملٍ من قبره؛ فصُعق الجميع إذ رأوا ما لم يُسمع به من قبل، وتأكد لمرثا وللعالم أجمع كلمات المسيح له المجد: " أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد." (يوحنا ١١ : ٢٥)

أحب أن أصارح الجميع بغير رياء ولا مواربة: أنك إذا لم تكن قد حصلت على القيامة الأولى، فلا نصيب لك في قيامة الحياة في اليوم الأخير.

وما هي القيامة الأولى؟
"وإذ كنتم أمواتا في الخطايا وغلف جسدكم، أحياكم معه، مسامحا لكم بجميع الخطايا"  (أفسس
٢ : ١٣)
-
" الحق الحق أقول لكم: إنه تأتي ساعة وهي الآن، حين يسمع الأموات صوت ابن الله، والسامعون يحيون." (يوحنا ٥ : ٢٥)

فمن اقتبل من المسيح الحياة الأبدية ونوره الحقيقي في نفسه هنا، فله الحياة الأبدية في قيامة الأبرار؛ وأما من لم يقتبل الحياة الأبدية منه هنا فمن أين ستصير إليه الحياة الأبدية في اليوم الأخير!؟
" من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة." (يوحنا الأولى ٥ : ١٢)


 

لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "المسيح كما أعلنه الإنجيل" اضغط عالرابط التالي
https://anbamaximus.org/articles/JesusAsTheGospelRevealed.php

Powered By GSTV